السهول الخضراء في إيران؛ رحلة إلى أحضان الطبيعة

مع قدوم الربيع، تكتسي الطبيعة بحلة جديدة. السهول التي تمتد إلى الأفق تزهُر بالورود البرية، والأنهار التي كانت تجري ببطء تحت طبقة من الجليد طوال الشتاء تبدأ في التدفق، لتبث الحياة مجددًا في روح الأرض. كما تعود الطيور التي أجبرتها البرودة القارسة على الهجرة، لتعيد بناء أعشاشها من جديد. كل شيء في الطبيعة يبدو مهيأً لكي تحزم أمتعتك وتنطلق في رحلة قصيرة إلى واحدة من أجمل السهول الخضراء في إيران، حيث يمكنك أن تتأمل السماء ليلًا وتنسى صخب الحياة العصرية للحظات، مستمتعًا بصمت الطبيعة وسكينتها.

السهول الخضراء في إيران، بغض النظر عن موقعها الجغرافي على هذه الأرض الواسعة، لطالما كانت سخية في استقبال عشاق الطبيعة. ولكن ما هو نصيبنا مقابل كل هذا السخاء؟ أليس أكثر من أن نسافر بمسؤولية؟ وأن نتذكر أن الأرض هي المنزل الأبدي، ونحن مجرد ضيوف عابرين؟ تابعوا معنا في مدونة سبهران لتتعرفوا أكثر على السُهول الخضراء في إيران.

سهل آزو؛ الجنة المخفية في جبال البرز

<yoastmark class=

سهل آزو هو منظر طبيعي فريد من نوعه يقع في محافظة مازندران، ضمن مرتفعات سلسلة جبال البرز، في منطقة لاريجان. هذه اللوحة الخلابة تقع جنوب شرق قرية تُدعى “نوا”، وتبعد حوالي 85 كيلومترًا عن آمل و120 كيلومترًا عن طهران. للوصول إلى قرية نوا، يكفي أن تسلك طريق هراز، رغم وجود طرق أخرى تؤدي إلى هناك. ومن نوا، لا يفصلك عن سهل آزو سوى نصف ساعة من المشي الجبلي، لتجد أمامك واحدة من أروع السهول الخضراء في إيران.

آزو، هذه الجوهرة المخفية في قلب البرز، بفضل موقعها الجغرافي الفريد، تُعتبر مقصدًا لا يُضاهى لعشاق التسلق والطبيعة. هنا يمكنك أن تترك ضجيج المدينة وراءك، لتستمتع بإجازة هادئة بين سفوح البرز. منظر قمة دماوند الرائع من جهة، وعبير الورود البرية الذي يداعب روحك من جهة أخرى، يجعل هذا السهل مقصدًا خياليًا.

لكن هذا ليس كل شيء، فبُعد السهل عن التلوث الضوئي يجعله من أفضل الأماكن لرصد السماء ليلاً في إيران. فإذا كنت من محبي الفلك ومراقبة النجوم، فإن سماء آزو الليلية ستمنحك مشاهد تأسر القلوب، لتعيش تجربة لا تتكرر في العمر سوى مرة واحدة.

سهل هلن؛ رحلة إلى سويسرا إيران

سهل هلن
سهل هلن

في قلب جبال زاغروس، حيث تُعانق القمم الشاهقة السماء، تقع منطقة هلن المحمية، ككنز مخفي ينتظر المغامرين لاكتشاف روائع طبيعة زاغروس. هذا السهل الجميل، القريب من شهركرد، يتربع في قلب محافظة چهارمحال وبختياري، ويمتد على مساحة تتجاوز أربعين ألف هكتار، مما يجعله واحدًا من أروع السهول الخضراء في إيران. مرور نهرين، أرمند وكارون، عبر هذه المنطقة، لا يزيد من جاذبيتها الطبيعية فحسب، بل يؤكد على أهمية حمايتها أيضًا.

في كل زاوية من هذا السهل، تُبرز الطبيعة جمالها بشكل خاص. نسيم الجبال العليل يُغني بين أغصان أشجار البلوط، والورود البرية تُضفي مزيدًا من السحر على سفوح زاغروس. هلن هي وجهة عشاق الطبيعة والساعين إلى السكينة، حيث تحتضنهم كجنة آمنة. عندما تخطو على أرض هذا السهل، تشعر وكأنك دخلت عالماً يتجاوز رتابة الحياة اليومية. خرير الجداول، هواء الجبال النقي، والمشاهد الخلابة لسهل هلن، لا تُوفر فرصة للاستمتاع بالطبيعة فحسب، بل تُتيح لك الهروب من ضجيج العالم، في رحلة إلى أعماق ذاتك.

يبعد هذا السهل الساحر مسافة 110 كيلومترات فقط عن شهركرد، ويشبّهه الكثيرون بسهول سويسرا الخلابة. فإذا كنت تبحث عن تجربة هادئة ومختلفة، واكتشاف أحد أجمل معالم الطبيعة في إيران، فإن سهل هلن هو الوجهة التي لا يجب أن تفوتها.

تركمن‌صحراء؛ الثقافة والشعوب الأصلية في طبيعة البكر

<yoastmark class=

تركمن‌صحراء هي واحدة من أجمل الوجهات الربيعية في شمال شرق إيران؛ حيث تتعانق الثقافة المحلية مع الطبيعة لتدعوا السياح إلى واحدة من أجمل السهول الخضراء في إيران. تمتد هذه المنطقة الشاسعة على مساحة 400 كيلومتر، وتحدها من الشمال جمهورية تركمانستان، ومن الجنوب سفوح جبال البرز، ومن الغرب بحر قزوين، ومن الشرق المناطق شبه الجافة، مما يجعلها تشمل أجزاء واسعة من محافظتي كلستان وخراسان الشمالية.

في هذه المساحات الشاسعة، تأتيك نسمات الشمال برسائل من أعماق التاريخ والثقافة؛ فمن جهة، يُبهرك منظر جبال البرز الشمالية الساحر، ومن جهة أخرى، تُبهر الأفق المفتوحة اللامتناهية للسهول الجافة والصحراوية، مما يجعل تركمن‌صحراء موطنًا دائمًا للقومية التركمانية الأصيلة، التي تُميزها لغتها وخيولها الأصيلة، وسجادها اليدوي، وأزياؤها التقليدية عن سائر القوميات الإيرانية. هنا، تُتاح لك الفرصة لفهم وتجربة ثقافة قوم تركمان، إحدى أعرق القوميات في إيران.

حياة أهل تركمن لا تقتصر على خيامهم البدوية وملابسهم المحلية؛ فالعادات والتقاليد هي التي تجعل من هذه المنطقة أكثر من مجرد سهل ربيعي أخضر، بل وجهة سياحية فريدة. لهذا، كلما دار الحديث عن السفر إلى وجهة مختلفة، تكون تركمن‌صحراء الخيار الأول للعديد من السياح.

سهل البابونج؛ الربيع بعطره الشافي

سهل البابونج
سهل البابونج

يقع سهل البابونج في فندقلو على طريق مدينة نمين، ضمن نطاق غابات فندقلو وفوق مرتفعات ممر حیران. هنا، تبدو الأرض كأنها جنة، حيث تتفتح زهور البابونج البيضاء والناعمة على سفوح الطبيعة الخضراء، لترسم مشهدًا يبعث على الراحة والسكينة. في ساعات الصباح الباكر، عندما تخطو إلى هذا السهل، يُداعب وجهك نسيم جبلي رقيق ممزوج بعطر البابونج، وكأنما جاء ليزيل عنك كل تعب السنين.

زهور البابونج في فندقلو ليست مجرد جمال بصري، بل هي رمز للشفاء ونضارة الطبيعة. يبلغ هذا السهل ذروة جماله في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو)، حيث يُصبح كل ركن منه فرصة للاستمتاع بروعة الطبيعة. ومع حلول الأيام الأخيرة من شهر حزيران، يُقيم سكان نمين مهرجان البابونج في هذا السهل، ليُبرزوا أن زهرة البابونج ليست فقط رمزًا للجمال، بل لها خصائص علاجية أيضًا.

يتوسط سهل البابونج طريق يُمكنك التوقف فيه بسيارتك، والاستمتاع بمشاهدة هذه المساحات الشاسعة التي تتلألأ باللون الأبيض. وفي نهاية الطريق المؤدي إلى السهل، تصل إلى تلفريك ممر حیران، الذي يُتيح لك فرصة مشاهدة جمال هذه المرتفعات وغابات فندقلو من الأعلى. يبعد هذا السهل مسافة 30 كيلومترًا فقط عن مركز محافظة أردبيل، ويُعتبر واحدًا من أجمل السهول الخضراء في إيران.

سهل سوسن؛ لقاء التاريخ والطبيعة

سهل سوسن
سهل سوسن

على بُعد 35 كيلومترًا شمال غرب مدينة إیذه، يمتد سهل واسع مُغطّى بأزهار التوليب والخشخاش، والمروج الخضراء، والأنهار والينابيع، مما يجعله واحدًا من أجمل السهول الخضراء في إيران لرحلة قصيرة بين أحضان الطبيعة. يشمل سهل سوسن مساحات شاسعة بين محافظتي خوزستان وجهارمحال وبختياري، ويوفر، بالإضافة إلى التنزّه بين التلال المُزدانة بالخشخاش، فرصة للتجوال في الأودية الخضراء، ومشاهدة الشلالات، وصيد الأسماك، وركوب القوارب في الأنهار الدائمة، وحتى زيارة التراث العريق.

يمرّ نهر كارون الهائج عبر سهل سوسن، مُقسمًا إياه إلى منطقتين؛ سوسن الشرقية وسوسن الغربية. وتُضفي الغطاءات النباتية الكثيفة التي تشمل أشجار البلوط والتين البري، وصولًا إلى الأزهار العطرية، جنبًا إلى جنب مع المناظر الخلابة لنهر كارون، سحرًا خاصًا على هذا السهل، مما يجعله إحدى أجمل الوجهات في إيران للتخييم الجماعي في الربيع والصيف. وفي بعض أنحاء السهل، يمكن مشاهدة أزهار الياسمين والنرجس أيضًا.

إلى جانب جماله الطبيعي، يروي سهل سوسن قصة من ثقافة وتاريخ أهل هذه الأرض. فما زالت بقايا الخانات التاريخية ظاهرة للعيان، ووجود القرى مثل ثریا، لولو، شیمن، دانیال، وده‌كهنه يدل على أصالة الثقافة المحلية في هذه البقعة الجغرافية. كما يُعدّ مقبرة الأسود القديمة التي تعود إلى العهد العیلامي أحد الشواهد التي تُبرز قدم هذا السهل.

سهل شقايق؛ السجادة الحمراء على طريقة الطبيعة

سهل شقايق
سهل شقايق

إذا كنت تبحث عن تجربة مميزة في قلب الطبيعة، فإن سهل شقايق (الخشخاش) في كالپوش يُعدّ واحدة من تلك المناظر التي يجب أن تضيفها إلى قائمة رحلاتك الربيعية. يقع هذا السهل الرائع مثل لوحة فنية بديعة على الحدود بين محافظات سمنان، كلستان، وخراسان الشمالية، ويستقبلك في الربيع بسجادة شاسعة من أزهار الخشخاش الحمراء. وعلى الرغم من شهرة هذا السهل بأزهار الخشخاش، إلا أن غناه الطبيعي يمتد ليشمل 14 ألف هكتار من الغابات، و30 ألف هكتار من المراعي، و34 ألف هكتار من الحقول المزروعة، مما يجعله أحد أثمن الموارد البيئية في شرق إيران. ولا تكتمل روعة مناظر كالپوش الطبيعية إلا بوجود شلال لوه الجميل، مما يجعلها جنة لعشاق الطبيعة والمصورين، حيث يمكنهم التنزه والتقاط صور للتنوع البيئي الغني في هذا السهل.

يبعد سهل كالپوش حوالي 220 كيلومترًا عن شاهرود. وعلى الطريق بين شاهرود والسهل، توجد عدة قرى ذات طبيعة خلابة، مثل كلامو، خوش‌ییلاق، تیل‌آباد، وتلوين، التي تُعدّ خيارًا مثاليًا للمبيت والتعرف على المجتمعات المحلية. كما يُثبت وجود خان میامي التاريخي الذي يعود تاريخه إلى 400 عام أهمية هذه المنطقة تاريخيًا. ويُعتبر منتزه كلستان الوطني في شمال شرق السهل خيارًا جيدًا لمن يرغبون في إطالة رحلتهم والتمهل للاستمتاع بالطبيعة. ورغم أن كالپوش معروفة أكثر بأزهار الخشخاش الحمراء، إلا أن مزارع دوار الشمس تُضفي عليها سحرًا خاصًا، مما يجعلها واحدة من أفضل الوجهات الصيفية أيضًا.

related posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *