في كل رحلة جوية، يحتل طاقم الضيافة الجوية مكانةً أهم مما يبدو للركاب. وأحد أبرز أعضاء هذا الفريق هو الشخص الذي نعرفه باسم رئيس طاقم الطائرة. في هذا المقال سنتعرّف على مهام رئيس الطاقم أثناء الرحلة الجوية. لن تكتفي بمعرفة ما الذي يفعله، بل ستتعرف أيضًا على كيف يتم ذلك عمليًا.
هذا المقال موجّه خصوصًا للأشخاص الذين يرغبون في معرفة المراحل والإجراءات التي يقوم بها طاقم الطائرة منذ لحظة التحضير قبل الإقلاع وحتى خروج الركاب من المقصورة، إضافةً إلى الدور الذي يؤديه رئيس الطاقم خلال هذه العملية. كما سيمنح المسافرين فهمًا أعمق للخدمات والمسؤوليات التي تقع على عاتق رئيس الطاقم. تابع معنا عبر مدونة سپهران.
رئيس طاقم الطائرة هو الشخص الذي يشغل أعلى منصب بين أفراد طاقم الضيافة الجوية، ويتحمّل مسؤولية تنسيق جميع الأمور داخل المقصورة. عليه أن يحافظ على التواصل الفعّال بين قائد الطائرة، والمضيفين الجويين، والركاب، وأن يتأكد من تنفيذ بروتوكولات السلامة والخدمة بالشكل الصحيح.
قبل الإقلاع، يشارك رئيس الطاقم في الاجتماع التمهيدي (Briefing) حيث يتم استعراض خطة الرحلة، وتوزيع المهام، والإجراءات الطارئة المحتملة. أثناء الرحلة، يشرف على تطبيق معايير الخدمة والسلامة والنظافة. وفي الحالات الطارئة مثل الاضطرابات الجوية أو الحالات الطبية، تكون الكلمة الأخيرة له في اتخاذ القرار. تتطلّب هذه الوظيفة دقّة عالية، وقدرة على إدارة الضغوط، ومهارة في القيادة. يُعتبر رئيس الطاقم فعليًا «مدير الرحلة داخل المقصورة».
تتجاوز مهام رئيس الطاقم حدود تقديم الخدمة فقط؛ فهو مسؤول عن السلامة، والتنسيق، ورضا الركاب. يجب عليه إدارة جميع مراحل الرحلة منذ لحظة صعود الركاب إلى الطائرة وحتى مغادرتهم المقصورة.
المهام الرئيسية تشمل:
ويجب على رئيس الطاقم الحفاظ على هدوئه في جميع الأوقات، وأن يكون قدوة لبقية أفراد الطاقم.
من أوائل المهام التي يقوم بها رئيس الطاقم هي المشاركة في الاجتماع التمهيدي قبل الرحلة. في هذا الاجتماع يتم استعراض جدول الرحلة، والأحوال الجوية، وعدد الركاب وسعة الطائرة، وعدد أفراد الطاقم، وجميع الملاحظات المتعلقة بالرحلة.
يجب على رئيس الطاقم التأكد من أن كل عضو في فريق المقصورة يعرف مهامه جيدًا، وأن معدات السلامة متوفّرة وجاهزة للاستخدام، وأن التنسيق قائم بين الطاقم وقائد الطائرة. كما تُناقَش في هذا الاجتماع قضايا مثل الوجبات الخاصة بالركاب، واحتياجاتهم الخاصة، والحالات الطارئة المحتملة.
هذا التحضير المسبق يشكّل الأساس لرحلة آمنة ومنظّمة، ويمكن تشبيهه بتحضير فريق رياضي قبل المنافسة. فأي خلل في هذه المرحلة سيظهر أثره خلال الرحلة نفسها.
تُعتبر مشاركة رئيس الطاقم في الاجتماع التمهيدي من أولى مسؤولياته قبل الإقلاع. في هذا الاجتماع، تتم مناقشة جميع تفاصيل الرحلة، من الجدول الزمني والأحوال الجوية إلى عدد الركاب والطاقم.
ويتحقق رئيس الطاقم من أن جميع أفراد الفريق يدركون مهامهم، وأن معدات السلامة متوفرة، وأن التنسيق بين الطاقم والقيادة في قمرة الطائرة يسير بالشكل المطلوب. كذلك قد تُطرَح خلال الاجتماع مسائل تخص الركاب الذين لديهم احتياجات خاصة أو حالات طارئة محتملة.
هذا الإعداد المسبق هو الركيزة الأساسية لرحلة آمنة ومنظّمة، إذ يشبه إلى حد كبير استعداد فريق رياضي يسعى لتحقيق أفضل أداء. وأي نقص في هذه المرحلة سينعكس سلبًا أثناء الرحلة.
يتحمّل رئيس الطاقم أيضًا مسؤولية فحص تجهيزات المقصورة بدقة. ويشمل ذلك التأكد من سلامة أحزمة الأمان، وأجهزة الأوكسجين، وسترات النجاة، وأبواب الطوارئ، وكذلك من إغلاق الخزائن العلوية بإحكام وتوافر المستلزمات الخدمية الضرورية.
كما يجب التأكد من جاهزية الخدمات المريحة للركاب مثل المشروبات والماء والوجبات الخفيفة وأماكن حفظ النفايات. وفي حال احتاج أحد الركاب إلى مساعدة، يجب على رئيس الطاقم التأكد من استعداد الفريق للتعامل السريع والفعّال.
يساهم هذا الفحص في ضمان السلامة وراحة الركاب معًا. وتشمل مسؤولياته أيضًا التأكد من نظافة المقصورة، وفحص المرافق الصحية، وضمان خلوّ الطائرة من أي أجسام أو مواد قد تشكّل خطرًا.
خلال الرحلة الجوية، يتولّى رئيس طاقم الطائرة دور القيادة داخل المقصورة.
فهو المسؤول عن توزيع المهام، وضمان التزام أفراد الطاقم بالمعايير المعتمدة، والتعامل مع أي مشكلات أو مواقف طارئة قد تطرأ أثناء الطيران.
ويشمل ذلك مراقبة سلوك المضيفين الجويين، والتعامل مع المخالفات التي قد تصدر عن الركاب، والتنسيق مع قائد الطائرة عند الحاجة، ونقل التعليمات أو الرسائل المهمة من قمرة القيادة إلى المقصورة.
فعلى سبيل المثال، إذا تسبّب أحد الركاب في إزعاج أو خلل بالنظام، يكون رئيس الطاقم هو أول من يتخذ القرار بشأن طريقة التعامل معه، ويقوم بإبلاغ القائد إذا لزم الأمر.
وجوده الفعّال في هذا الدور يسهم بشكل كبير في الحفاظ على الانضباط والسلامة أثناء الرحلة.
يجب على رئيس الطاقم التأكد من أن فريق الضيافة يقدّم الخدمات للركاب بأعلى جودة ممكنة، من الترحيب عند الصعود إلى الطائرة، إلى توجيه الركاب إلى مقاعدهم، وتقديم الوجبات والمشروبات، والإجابة على استفساراتهم وطلباتهم.
كما عليه متابعة مدى رضا الركاب عن الخدمة المقدّمة، ومعالجة أي مشكلة تظهر خلال الرحلة — كحالات الحساسية الغذائية أو الحاجة إلى مقعد خاص.
هذا الجانب يرتبط مباشرة بتجربة الراكب ويؤثر كثيرًا في انطباعه عن شركة الطيران.
من أكثر مهام رئيس الطاقم حساسية هي المتعلقة بالسلامة وإدارة الحالات الطارئة.
عليه أن يوجّه الركاب في المواقف الحرجة، ويضمن جاهزية المعدات، وينسّق عملية الإخلاء الطارئ أو تقديم المساعدات الطبية عند الضرورة.
ففي حال حدوث خلل تقني أو إصابة أحد الركاب بوعكة صحية، يكون رئيس الطاقم أول من يتدخل، يفعّل الفريق، ويتواصل مباشرة مع قائد الطائرة.
هذه الجاهزية العالية تُبرز الأهمية الكبرى لموقعه داخل المقصورة.
بعد الوصول إلى الوجهة، يتعيّن على رئيس الطاقم التأكد من مغادرة الركاب للطائرة بسلام ومع جميع متعلقاتهم الشخصية.
كما يقوم بفحص المقصورة، والتأكد من إغلاق الخزائن العلوية، وتجهيز المقصورة للرحلة التالية.
وفي بعض الحالات، يتعاون الطاقم مع موظفي المطار أو الأمن لتأمين بوابة الخروج أو مناطق الترانزيت، وللتعامل مع الحالات المريبة أو الأمتعة غير المعروفة.
هذه الخطوات تساهم في ضمان أمن الرحلات القادمة واستمرار الانضباط التشغيلي.
الخطوة الأخيرة في مهام رئيس الطاقم هي إعداد تقرير الرحلة.
يتضمن هذا التقرير جميع الملاحظات المهمة مثل الأحداث غير الاعتيادية، أو مخالفات الركاب، أو أعطال المعدات، أو كميات المواد والخدمات المستهلكة خلال الرحلة.
يُسلَّم هذا التقرير إلى إدارة الجودة أو قسم العمليات في شركة الطيران ليُراجع وتُستخدم نتائجه في تحسين الأداء في الرحلات المستقبلية.
تُعد هذه الخطوة جزءًا من ثقافة العمل المؤسسية لشركات الطيران الهادفة إلى تعزيز الجودة والسلامة باستمرار.
لتحقيق النجاح في هذا المنصب، لا تكفي الخبرة وحدها؛ إذ يجب أن يمتلك رئيس الطاقم مزيجًا من المهارات الفنية، والاتصالية، والقيادية، منها:
يتعيّن على رؤساء الأطقم الالتزام بلوائح هيئة الطيران المدني والقوانين الداخلية لشركات الطيران التي يعملون بها. ومن أبرز هذه القوانين:
كما لا يجوز لرئيس الطاقم أداء مهامه في حال التعب الشديد أو المرض، وأي مخالفة لذلك قد تؤدي إلى تعليق أو سحب شهادة الاعتماد الخاصة به.
الترقية من مضيف جوي إلى رئيس طاقم تتطلّب خبرة عملية، وتقييمًا دقيقًا، وتدريبًا متقدّمًا. وغالبًا ما تمرّ عبر المراحل التالية:
بعد استكمال هذه الخطوات، يُعيَّن الفرد رسميًا كرئيس طاقم ويحصل على شهادة اعتماد مهنية.
رئيس طاقم الطائرة هو القلب النابض للرحلة الجوية؛ فهو المسؤول عن حفظ النظام، وضمان السلامة، وبثّ الطمأنينة بين مئات الركاب وأفراد الطاقم. الطريق إلى هذا المنصب ليس سهلًا، إذ يتطلّب خبرة وانضباطًا وتدريبًا مستمرًا. ومع ذلك، فإن هذا المسار يستحق الجهد لكل من يعشق السماء وخدمة المسافرين. فإن كنت شغوفًا بمهنة الضيافة الجوية، فقد تكون وظيفة رئيس طاقم الطائرة هي قمة تطوّرك المهني في عالم الطيران.
