
وبلاگ سپهران | المعالم السياحية | أفضل المراصد الفلكية في إيران
تُعدّ أفضل المراصد الفلكية في إيران بوابةً لا نهائية نحو النجوم. تقع إيران، بلدٌ ذو تراثٍ علمي وثقافي غني، على طرق الحضارات القديمة، وكانت دائماً من المراكز المهمة في مجال الاستكشافات الفلكية. السماء الصافية، وتنوّع التضاريس والارتفاعات، والاهتمام الثقافي العميق بالكون، جعلت من هذا البلد بيئةً مثالية للبحوث الفلكية الحديثة والتاريخية. على مرّ القرون، لعب العلماء الإيرانيون دوراً بارزاً في تطوّر علم الفلك، وقدّموا للعالم أسماءً عظيمة مثل الخواجة نصير الدين الطوسي وأبو الريحان البيروني. واليوم، لا يزال هذا الإرث مستمراً عبر شبكة متنامية من المراصد، بدءاً من المعالم التاريخية في العصور الوسطى وصولاً إلى مراكز الأبحاث المجهزة بتلسكوبات وأدوات متطورة.
في هذه المقالة، سنستعرض أهم وأفضل المراصد الفلكية في إيران، ونبيّن كيف يسهم كل منها في تعزيز المشهد العلمي، والتعليمي، والثقافي للبلاد. هذه المراصد ليست فقط مراكز للبحث العلمي، بل تُعدّ أيضاً منصات لنشر العلم بين الناس، وتعزيز التعليم العام، وزرع الشعور بالفخر الوطني. من القباب الشامخة فوق قمم الجبال إلى أطلال المراصد القديمة، تعكس هذه الأماكن التزام إيران الطويل بفكّ أسرار السماء. تابعونا في هذه الجولة من مدونة سبهران.
يُعدّ المرصد الوطني الإيراني أحد أكثر المشاريع العلمية طموحاً وأهمية في تاريخ إيران المعاصر. يمثّل هذا المرصد أول خطوة كبيرة في مجال العلوم الأساسية بعد عقود من التخطيط، وقد تمّ افتتاحه في عام 2021 م.
بُني المرصد على قمة جبل گرگش، ثاني أعلى قمة في سلسلة جبال كركس، ويتمتع بظروف رصد ممتازة. الأداة الرئيسية في هذا المرصد هي تلسكوب ريشي-كرتيان كاسغرين (Ritchey-Chrétien) بقطر 3.4 متر، ويُعتبر أكبر تلسكوب بصري صُنع في إيران. يبلغ قطر المرآة الأساسية 3.4 متر، والثانوية 60 سم. المثير للإعجاب أن تصميم هذا التلسكوب وبنيته التحتية تمّ بالكامل بأيادٍ وخبرات ايرانية محلية. في أغسطس 2022، نشر المرصد أولى صوره الفلكية وبدأ نشاطاته الرصدية رسمياً. إلى جانب أهدافه العلمية، يسعى المرصد أيضاً إلى التعليم ونشر علم الفلك بين الجمهور. للراغبين في زيارته، يجب التسجيل عبر الموقع الرسمي وإرسال الطلب إلى: [email protected].
المرصد الوطني الإيراني هو رمز لمساعي البلاد نحو أن تصبح قطباً إقليمياً في علم الفلك، والمشاركة في المشاريع الدولية طويلة الأمد في هذا المجال.
📍 العنوان: موقع گرگش، محافظة أصفهان، مدينة كامو وتشوكان
يُعتبر مرصد مراغة ليس فقط أحد المعالم التاريخية القيمة في إيران، بل أيضاً من أبرز مراكز الفلك في العالم الإسلامي خلال العصور الوسطى. أُنشئ المرصد عام 1259 ميلادي في عهد الإيلخانيين بدعم من هولاكو خان، وكان من تصميم العالم الإيراني الشهير الخواجة نصيرالدين الطوسي، الذي أشرف أيضاً على التخطيط العلمي له. بُني المرصد على تل بارتفاع 110 متر قرب مدينة مراغة، واستغرق بناؤه 15 عاماً. ورغم بقاء أجزاء قليلة من هيكله الأصلي، فقد كان في زمنه مجهزاً بأدوات فلكية متقدمة ومكتبة ضخمة.
في هذا المرصد، أعدّ الطوسي وزملاؤه «الزيج الإيلخاني»، وهو من أهم الجداول الفلكية في عصره، وكان ذلك قبل ظهور التلسكوبات الحديثة. من بين الأدوات المستخدمة آنذاك: الربع الجداري (بنصف قطر 430 سم)، الكرات السماوية، الحلقات الاستوائية والاعتدالية، والدوائر الأفقية، وكلّها من ابتكار المهندسين الإيرانيين في ذلك العصر. كان البرج الرئيسي للمرصد أسطوانياً بقطر 22 متر، وجدرانه بسمك 80 سم، مبني من الحجارة والجصّ والحصى المصقول. وكان هناك أيضاً مساكن للعلماء ومكتبة ضخمة تحتوي على نحو 400 ألف مخطوطة.
يظلّ مرصد مراغة، حتى بعد قرون من أفوله، رمزاً لعظمة إيران العلمية، ويُعدّ بحق من أفضل المراصد الفلكية في إيران.
📍 العنوان: شارع المرصد، مدينة مراغة، محافظة أذربيجان الشرقية
يُعدّ مرصد كاسين في مدينة خرم آباد بمحافظة لرستان من أكثر المراصد تطوراً في إيران والشرق الأوسط. يقع المرصد على قمة جبل «مدبه» المعروف باسم “بام خرم آباد” على ارتفاع 1700 متر، مما يوفر ظروفاً ممتازة لرصد السماء. يضمّ المرصد 16 تلسكوباً، من بينها تلسكوب كورونادو الشمسي وتلسكوب سيلسترون المركزي، واللذان يُعدان من أبرز المعدات في المركز. يُستخدم تلسكوب كورونادو خصيصاً لرصد الشمس، البقع الشمسية، والانفجارات الشمسية.
من المرافق الأخرى في المرصد:
كل ذلك يجعل من مرصد كاسين مركزاً متعدد الأغراض لنشر العلم والتعليم الفلكي. بالإضافة إلى أهدافه البحثية، يُعد المرصد نشطاً جداً في التعليم العام، حيث يستضيف ورشات عمل، معارض، وبرامج رصد السماء لعموم الزوّار والطلاب.
📍 العنوان: شارع شريعتي، سطح خرم آباد، مدينة خرم آباد، محافظة لرستان
يقع مرصد الخواجة نصير الدين الطوسي على سفح جبل «بيليندي» جنوب مدينة تبريز، وقد سُمّي تيمّناً بالعالم الإيراني الكبير نصير الدين الطوسي. المركز مزوّد بأدوات فلكية متطورة، من بينها تلسكوب شمسي انكساري خاص لرصد الظواهر الشمسية مثل البقع والانفجارات. يحتوي المرصد على تلسكوبين بقطر 40 و60 سم، مزودين بلوحات إلكترونية دقيقة.
وفي عام 2016، أُضيف إلى المرصد تلسكوب نشط جديد بقطر 24 إنش (حوالي 61 سم). كلّ تلسكوب يقع داخل قبّة فلكية ثلاثية الطوابق صُممت خصيصاً لتقليل اضطرابات الغلاف الجوي. البنية التحتية تشمل مولدَيْ كهرباء بقدرة 32 و5 كيلواط، مبنى بحثي لسكن العلماء وإجراء الأعمال العلمية. يُعتبر هذا المرصد من أكبر المراصد الفلكية في إيران، ويؤدي دوراً رئيسياً في الرصدات الشمسية والدراسات الفلكية المتقدمة.
📍 العنوان: 30 كم جنوب تبريز، على قمة جبل بيليندي من سلسلة جبال سهند، على ارتفاع 2538 م عن سطح البحر
يقع مرصد أبو الريحان البيروني في شمال مدينة شيراز، وهو جزء من جامعة شيراز. تمّ افتتاحه رسمياً عام 1976، وسُمّي تيمّناً بالعالم الفلكي الإيراني الشهير. يُعتبر ثاني أكبر مرصد نشط في البلاد بعد مرصد مراغة، ومن أفضل المراصد الفلكية في إيران.
المرصد مزوّد بتلسكوب عاكس بقطر 51 سم، إلى جانب فوتومتر (جهاز لقياس الضوء) ونظام معالجة بيانات محوسب. تتيح هذه الأدوات للباحثين إجراء ملاحظات دقيقة للأجرام السماوية وجمع بيانات كمّية لأغراض أكاديمية.
المرصد يؤدي دوراً متعدد الجوانب:
من خلال الدمج بين الدقة الأكاديمية والإعلام العام، يلعب هذا المركز دوراً محورياً في تعزيز الثقافة العلمية في إيران.
📍 العنوان: شيراز، ميدان إرم، حرم جامعة شيراز
📞 الهاتف: ۹۸۷۱۳۶۲۶۹۴۲۲+
يُعدّ مرصد نِياسَر التابع لجامعة كاشان من أهم المراكز البحثية والتعليمية لعلم الفلك في وسط إيران، كما يُصنّف من أفضل المراصد الفلكية في إيران. يقع هذا المرصد في مدينة نِياسَر الواقعة على مرتفعات مدينة كاشان، وهي منطقة مثالية للرصد بسبب سمائها الصافية وانخفاض التلوث الضوئي فيها. المرصد مزوّد بتلسكوبات بحثية لمراقبة الأجرام العميقة في السماء، بالإضافة إلى تلسكوبات تعليمية مخصصة للورشات والزيارات العامة. ومن مرافقه الأخرى:
مرصد نِياسَر ليس فقط مركزاً لأبحاث الفيزياء الفلكية، بل أيضاً منصة لإقامة المعسكرات التدريبية، الرحلات الفلكية، المؤتمرات، والمشاريع الطلابية.
📍 العنوان: كاشان، محافظة أصفهان، مدينة نِياسَر، طريق نِياسَر
📞 الهاتف: 031-55723355 و 031-55723356
تأسس مركز العلوم والفلك في طهران عام 2000 ميلادي بإشراف بلدية المنطقة 1، وأصبح من أبرز المؤسسات التعليمية العامة في العاصمة. يقع المركز على مساحة 6000 متر مربع، بمبنى تبلغ مساحته 3000 متر مربع، ويهدف إلى تعزيز الثقافة العلمية، خصوصاً في مجال الفلك.
المرصد مزوّد بتلسكوبات متطورة من نوع شميدت-كاسغرين بأحجام 8 إنش، 12 إنش، و14 إنش. كما يحتوي على محددات تلقائية، أنظمة GPS، ونظارات مزدوجة (منظار). تتيح هذه المعدات مراقبة الشمس، القمر، الكواكب، والظواهر الفلكية مثل الكسوف وعبور الكواكب. بالإضافة إلى المراقبة العامة، ينظم المركز ورشات تعليمية، دورات فلكية، وأمسيات رصد السماء. لقد أصبح هذا المرصد منارة تعليمية للطلاب، الهواة، والعائلات المهتمة بفهم الكون في بيئة تفاعلية وممتعة، ويُعدّ بحق من أفضل المراصد الفلكية في إيران.
📍 العنوان: طهران، ميدان القدس، شارع الشهيد كبيري (دزاشيب)، شارع عمار، زقاق الشهيد صالحي (عرفات)، رقم 22
📞 الهاتف: 021-96027657
إن المراصد الفلكية في إيران، من التاريخية مثل مرصد مراغة إلى المشاريع المتطورة كـ المرصد الوطني، تُجسّد الترابط العميق بين هذا الوطن وعلم الفلك. فهذه المراكز ليست مجرّد أدوات لرؤية النجوم، بل رموزٌ لمسيرة أمة تسعى لفهم موقعها في الكون، وتطوير علومها، وإلهام أجيالها القادمة.
تمتلك إيران كل المقوّمات: الموقع الجغرافي الفريد، الكوادر البشرية المؤهلة، والتراث العلمي العريق لتصبح مركزاً فلكياً إقليمياً. في هذا الطريق، تبقى المراصد بمثابة منارات تنير دروب الباحثين والطلاب ومحبي السماء. الاستثمار في تطوير هذه المراكز، ودعم التعليم والبحوث الفلكية، ليس فقط خطوة نحو التقدّم العلمي، بل هو أيضاً تأكيد على الهوية الثقافية والوطنية. فالنجوم طالما كانت مصدر إلهام لأولئك الذين رفعوا رؤوسهم نحو السماء. يبحثون عن معنى، واتجاه، ومستقبل.