
وبلاگ سپهران | المهرجانات | مهرجان الرمان؛ إرث حي من قلب الطبيعة وثقافة شعب إيران
مهرجان الرمان هو إرث حي ينبع من قلب الطبيعة وثقافة الشعب الإيراني. إنه مهرجان يوازي عظمة تاريخ هذا البلد القديم، الذي حافظ على ثقافته الممتدة لآلاف السنين بشجاعة واجتهاد. في الواقع، الخريف في إيران ليس مجرد موسم لتغير ألوان الأوراق وبرودة الطقس؛ بل هو موسم نضوج ثمار الرمان، التي كانت لقرون جزءًا من المائدة والثقافة والمعتقدات والرموز الإيرانية. بالتزامن مع موسم الحصاد، تُقام احتفالات في العديد من المدن والقرى، حيث لا يقتصر الناس على جمع محصولهم فحسب، بل يشكرون الأرض والمطر والبساتين والبركة. مهرجان الرمان هو احتفال ذو جذور تقليدية عميقة، لكنه اليوم يلعب دورًا مهمًا في تنشيط السياحة، الاقتصاد المحلي، والحفاظ على الطقوس الشعبية. في هذه المقالة من مدونة سبهران، ستتعرفون على مهرجان الرمان في مختلف مدن إيران.

يمتد تاريخ مهرجان الرمان لآلاف السنين، واستمر منذ عهد إيران القديمة وحتى اليوم. في التقويم الفارسي القديم، كان الرمان رمزًا للخصوبة والحياة والبركة والطهارة، وكان له مكانة خاصة في طقوس مهرجان مهرجان يَلدا وبعض المناسبات الدينية. وكان الاعتقاد الشائع لدى القدماء أن الرمان ثمرة سماوية، وأن كل حبة منه علامة على الرزق والنعمة الإلهية. في الماضي، كان مهرجان حصاد الرمان يُقام في نهاية الصيف أو بداية الخريف، عندما يجمع البستانيون محصولهم من الأشجار، ويحتفلون بالشكر للبركة عبر الموسيقى والأطعمة المحلية والتجمعات العائلية. لم يكن هذا المهرجان مجرد موسم للحصاد، بل كان طقسًا اجتماعيًا للتقدير للطبيعة وتقديس الأرض وتعزيز الروابط بين أهل المنطقة.
على مر العصور، ظهرت رموز الرمان في الفن والعمارة والأدب والسجاد والفخار والنقوش وحتى على العملات المعدنية. من النقوش الساسانية إلى زخارف البلاط في المساجد، كان الرمان دائمًا رمزًا للحياة والخلود.
اليوم، رغم تغير أساليب إقامة الاحتفالات، يبقى الجوهر نفسه: الرمان ليس مجرد ثمرة، بل هو إرث ثقافي. ولهذا السبب، تم تسجيل بعض هذه الاحتفالات، مثل مهرجان الرمان في تفت، ضمن قائمة التراث غير المادي الوطني الإيراني لضمان استمراريتها.
يختلف توقيت المهرجان حسب موعد حصاد الرمان في كل منطقة، لكنه عادةً يُقام في شهري مهر وآبان. من أبرز المدن والقرى التي تستضيف مهرجان الرمان سنويًا:
| المدينة / القرية | المحافظة |
|---|---|
| تفت | یزد |
| ساوه | مركزي |
| بادرود | اصفهان |
| فاروق | فارس |
| دورك | تشهارمحال وبختياري |
| باوه | کرمانشاه |
| انبوه | جيلان |
| ارسنجان | فارس |
| أورامان | کردستان |

يُقام مهرجان الرمان في العديد من المدن الإيرانية داخل بساتين الرمان نفسها، وليس في القاعات الرسمية. النساء يرتدين الأزياء التقليدية، والرجال يحملون سلالًا من الخوص، يجمعون الرمان من الأشجار المثقلة بالثمار. تنتشر الموسيقى المحلية وضحكات الأطفال واللهجات القروية في الهواء، ويعلو عبق مربى الرمان المطبوخ على النار، لتذكير الجميع بأن هذا اليوم ليس مجرد وقت للحصاد، بل هو لحظة يلتقي فيها العمل بالاحتفال.
بالإضافة إلى البساتين، يُقام سوق مؤقت حيث يُباع الرمان الطازج، ومربى الرمان المنزلي، والعصائر، والخل، والحلويات المصنوعة من الرمان، والحرف اليدوية المحلية، وحتى ورش العمل الحية مثل صباغة الأقمشة بقشور الرمان. هنا، الرمان ليس مجرد ثمرة، بل رمز للبركة والثقافة والاقتصاد القروي النابض بالحياة.

إيران ليست مجرد أرض الرمان، بل هي موطن لعشرات النكهات والألوان والأنواع المختلفة، ولكل مدينة نسختها الفريدة:
الرمان ليس مجرد ثمرة؛ إنه صيدلية طبيعية. يُستخدم لعلاج أمراض الكبد، الجلد، الاكتئاب، ومشاكل الجهاز الهضمي. تُستخدم قشور الرمان في الصباغة التقليدية، وتصاميم الرمان موجودة في الفن الإيراني، وخاصة في النقوش الساسانية والعمارة الإسلامية، بما في ذلك قصر تيشفون.
في فصل الخريف، لا تحصد إيران محصولًا واحدًا فحسب، بل تنبض مجموعة من المهرجانات المحلية بالحياة، وتدور جميعها حول ثمرة رمزية تُعرف بالرمان. تُقام هذه المهرجانات في مختلف المدن والقرى، ولكل منها شكل ولون وطقوس وهوية خاصة؛ من الاحتفالات القروية العفوية إلى الفعاليات المسجلة على المستوى الوطني. فيما يلي أهم مهرجانات الرمان في إيران، والتي تمثل جزءًا من الثقافة والاقتصاد المحلي:
تشتهر قرية فاروق في مدينة مروشت بالتربة الخصبة والمناخ المناسب، وتعد واحدة من مناطق إنتاج الرمان الفاخر في إيران. يُقام مهرجان رمان فاروق للتعريف بأنواع الرمان المحلية، وإنشاء سوق مباشر للمزارعين، وتنمية السياحة البيئية. يشمل المهرجان عرض أنواع الرمان ومنتجاته مثل المربى، العصائر، الدبس والبذور المجففة، إضافةً إلى عروض الموسيقى المحلية، عرض الحرف اليدوية، زيارة البساتين، والمسابقات التقليدية. كما يخصص جزء من المهرجان للتعريف بتاريخ فاروق الممتد 7000 سنة، والمنازل التاريخية، وإمكانات السياحة في القرية. يُقام المهرجان سنويًا في شهر آبان، ويجذب السياح المحليين والأجانب.
تُعد بادرود من المراكز الرئيسية لإنتاج الرمان في إيران، حيث يُحصد حوالي 40 ألف طن سنويًا من بساتينها. يُشتهر رمان نادري بادرود بقشره الرقيق، وطعمه الحلو، وقابلية تصديره. يُقام مهرجان الرمان في بادرود في أجواء تقليدية بالكامل، ويستطيع الزوار المشاركة في ورش عمل حية لتحضير مربى الرمان، الخل، الجيلي، الحلويات المحلية، وصباغة الأقمشة بقشر الرمان. تشمل الفعاليات الأخرى معرض الحرف اليدوية، الموسيقى المحلية، الرواية الشعبية، المسابقات التقليدية، وأكشاك بيع المنتجات الزراعية. يأتي آلاف الزوار من جميع أنحاء إيران لمشاهدة هذا المهرجان، مما يعزز السياحة والاقتصاد المحلي.

تقع قرية دورك في مدينة كييار، وهي من المناطق البكر وأقل شهرة في إيران، وتستضيف مهرجان حصاد الرمان مع الحفاظ على الأصالة المحلية بالكامل. يشمل المهرجان طقوسًا تقليدية مثل الرقص البختياري، قراءة الشاهنامه، الموسيقى المحلية، وتكريم أفضل البستانيين. يُقام سوق قروي يوم الاحتفال، حيث تُباع منتجات متنوعة مثل الرمان الطازج، مربى الرمان، عصير الرمان، الخبز البختياري وحتى العسل الطبيعي. المهرجان ليس مجرد حدث ثقافي، بل فرصة لإظهار قدرات القرية وزيادة دخل المزارعين.
في مدينة باوه، وخاصة قرية زردوي، يُقام سنويًا طقس الشكر على محصول الرمان. يتميز المهرجان بطابع قروي أصيل، ويهدف إلى الامتنان للبركة والحفاظ على الأرض. يمكن للسياح شراء الرمان ومنتجاته المحلية، والتعرف على نمط حياة سكان أورامانات، حيث ما زالت الزراعة، العمارة المدرجة، والثقافة الجبلية حية. يُصدر رمان باوه إلى باقي المحافظات وحتى العراق.
تستضيف قرية انبوه التاريخية في رودبار بولاية جيلان أحد أكثر مهرجانات الرمان شعبية في إيران. يُقام المهرجان بمشاركة الأهالي فقط، دون دعم رسمي. يشارك الرجال والنساء بالملابس التقليدية في جمع الرمان من البساتين، وينقلونه على ظهور الحمير والحمير الصغيرة إلى مكان الاحتفال، مشهد يجمع بين الطبيعة، الثقافة المحلية، وروح الحياة القروية. يركز جزء كبير من المهرجان على بيع الرمان الطازج والمربى المحلي مباشرةً، ويتم إرسال الكثير منه بعد المهرجان إلى المدن الأخرى. يُقام المهرجان في الجمعة الأخيرة من شهر مهر، ويترك انطباعًا لا يُنسى للزوار.
تضم ارسنجان أكثر من 2500 هكتار من بساتين الرمان، وهي من المراكز الرئيسية لإنتاج الرمان في البلاد. يركز مهرجان الرمان في ارسنجان على التعريف بالبساتين، تعليم طرق إعداد مربى الرمان التقليدي، وعرض تحضير الحلوى المحلية «حلوي سين». يشمل المهرجان أكشاك بيع الرمان والمنتجات المصنعة، فعاليات ثقافية، مسابقات محلية، ورش للحرف اليدوية، وجولات سياحية في البساتين. يأتي السياح لمشاهدة طهي المربى في القدور النحاسية وشم رائحة الرمان على النار خلال هذا الموسم.
في أربع قرى: بلبَر، سلين، ژيوار، وناو، يُقام مهرجان الرمان كأحد أكبر الطقوس الخريفية في منطقة أورامان. يُقام المهرجان عادةً في أواخر اكتوبر، ويشمل نشاطات ثقافية كاملة إلى جانب حصاد المحصول. تتضمن الفعاليات الموسيقى والرقص المحلي، الملابس الكردية، زيارة البساتين، إعداد الطعام المحلي، بيع الرمان والمربى، وسوق صغير للحرف اليدوية. تتميز المنطقة بمشهد قرى ومدرجات زراعية على المنحدرات الجبلية، ما يجعلها وجهة سياحية مفضلة للمصورين وصناع الأفلام الوثائقية.
الملخص
مهرجان الرمان ليس مجرد حدث زراعي؛ إنه مرآة للترابط الطويل بين الإيرانيين والأرض والفصول وبركة الطبيعة. لأولئك الراغبين في رؤية إيران الحقيقية، يقدم المهرجان فرصة استثنائية لتجربة الحياة الريفية، تذوق الرمان الطازج، ومشاهدة ثقافة ما زالت حية. في خريف هذا العام، يمكن لمهرجان الرمان أن يكون نافذة على إيران غير المعروفة: حيث تحمل كل حبة رمان معنى يتجاوز الغذاء، رمزًا للبركة، الشكر، والفرح الجماعي.