
وبلاگ سپهران | المتحاف | المتحف المصري الكبير؛ هدية مصر للعالم وبداية عصر جديد للحضارة الفرعونية
في الأول من نوفمبر عام 2025، ستتجه أنظار العالم إلى القاهرة، ليس لمشاهدة الأهرامات فقط كما اعتاد السياح منذ عقود، بل للاحتفال بحدث يوصف بأنه نقطة تحوّل في تاريخ السياحة والثقافة العالمية: افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، وأضخم مشروع أثري وثقافي في القرن الحادي والعشرين.
هذا الافتتاح ليس مجرد حدث سياحي أو بروتوكولي، بل لحظة ميلاد حضاري تعيد فيها مصر تقديم تاريخها للعالم بحلّة حديثة، وتربط الماضي المجيد بالمستقبل، في مشروع استغرق أكثر من 20 عاماً من العمل المتواصل، ليخرج أخيراً بوصفه “هديّة مصر للعالم“.
منذ الإعلان عن موعد الافتتاح، تصدّر اسم المتحف المصري الكبير عناوين الصحف العالمية، وتحوّل إلى حديث الباحثين والمؤرخين وصناع الإعلام والسياحة، لأنه لا يمثل مجرد مبنى جديد، بل جسراً بين حضارة تجاوز عمرها 7 آلاف عام، وبين الحاضر الذي يحتاج إلى إعادة تعريف العلاقة مع التاريخ.
ما يميّز هذا المشروع ليس حجمه الهندسي فقط، بل فلسفة إنشائه. فهو لا يعرض آثاراً داخل صناديق زجاجية فحسب، بل يقدم تجربة حضارية متكاملة يعيش فيها الزائر التاريخ بتقنيات تفاعلية، وإضاءة مدروسة، ومسارات فنية تحكي قصة مصر منذ فجر التاريخ وحتى نهاية العصر الفرعوني.
يقع المتحف على بُعد خطوات من أهرامات الجيزة، في مشهد معماري يربط بين إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة، ورؤية معمارية حديثة فازت في مسابقة دولية شارك فيها مئات المعماريين من حول العالم.
المدهش أن تصميم المتحف مستوحى من أشعة الشمس الخارجة من قمم الأهرامات الثلاثة، وكأن المتحف نفسه وُلِد من نور الحضارة القديمة. الواجهة الزجاجية الضخمة، الساحة الواسعة، والمساحات الخضراء كلها تقود إلى رسالة واحدة: هذه ليست زيارة متحف… إنها رحلة زمن.

يحتضن المتحف أكثر من 5300 قطعة أثرية كاملة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، تُعرض لأول مرة مجتمعة منذ اكتشاف مقبرته عام 1922.
هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها العالم كرسي العرش، والعجلات الحربية الست، والقناع الشهير، ومجوهرات الملك، والأسلحة، وأدوات الحياة اليومية… جميعها في مكان واحد، وبحالة ترميم تُعد من الأبرز في العالم.
حتى الخنجر الشهير المصنوع من معدن مصدره نيزك قادم من الفضاء سيكون معروضًا داخل قاعة الملك، في تجربة تجمع بين العلم والأسطورة والتاريخ.
لا يقتصر افتتاح المتحف المصري الكبير على كونه حدثاً تاريخياً، بل يمثل إضافة سياحية كبرى ستعيد رسم خريطة زيارة القاهرة. فبدلاً من أن يكتفي السائح برؤية الأهرامات والتجول في متحف التحرير القديم، أصبح بإمكانه الآن عيش تجربة متكاملة تجمع بين التاريخ والتكنولوجيا والعمارة الحديثة في مكان واحد.
من المتوقع أن يتحول المتحف إلى المحطة الأولى لكل زائر يصل إلى مصر، وأن يجذب ملايين السياح بفضل تصميمه المعاصر، ومساحاته المفتوحة، والمناطق الترفيهية والمطاعم والإطلالة المباشرة على هضبة الجيزة. ومع وجود الممشى الجديد، والحدائق، والمقاهي الراقية، لن تكون الزيارة مجرد جولة داخل قاعات عرض، بل يوم كامل من الاستكشاف الثقافي والترفيهي.
ولأن المتحف يضم أكبر مجموعة آثار فرعونية معروضة في مكان واحد، تتصدّرها كنوز الملك توت عنخ آمون، فإن زيارة القاهرة بعد الافتتاح لن تشبه زيارتها قبل ذلك. سيصبح بإمكان السائح رؤية التاريخ في صورته الأصلية، بعد أن تمت إعادة ترميم مئات القطع الأثرية لتظهر كما كانت منذ آلاف السنين.
ومع تعدد التجارب داخل المتحف — من قاعة الملك الذهبي إلى مركز الترميم الذي يمكن للزوار مشاهدته أثناء العمل، مرورًا بالمتحف التفاعلي للأطفال — يتحوّل المكان إلى مقصد مناسب للعائلات، للمهتمين بالآثار، وللرحّالة الباحثين عن مغامرة ثقافية لا تتكرر.
الخاتمه
افتتاح المتحف المصري الكبير ليس مجرد حدث ثقافي، بل تجربة جديدة كليًا لزيارة مصر. فبعد سنوات من الانتظار، سيصبح بإمكان العالم رؤية حضارة مصر القديمة بعين معاصرة، في متحف يجمع بين الفن والتاريخ والتكنولوجيا في مكان واحد. سواء كنت من عشّاق الآثار، أو من محبي السفر، أو تبحث عن وجهة تحمل قيمة ثقافية حقيقية، فإن هذا المتحف سيكون محطة لا تُفوَّت. وربما بعد زيارته ستدرك أن التاريخ لا يُقرأ فقط… بل يُعاش.
✈️ فهل ستكون من أوائل الذين يشهدون افتتاحه العالمي؟
اكتب لنا: من أي بلد ستزور مصر؟ وأي قطعة أثرية تتشوق لرؤيتها عن قرب؟