
وبلاگ سپهران | المتحاف | المجوهرات الملكية الإيرانية | تاريخ، قيمة، وأسرار متحف الجواهر الوطنية في طهران
تُعد المجوهرات الملكية الإيرانية واحدة من أثمن الكنوز التاريخية في العالم، حيث تجمع بين الفخامة الملكية والإبداع الفني الذي يعكس عراقة الحضارة الفارسية عبر القرون. هذه التحف النفيسة ليست مجرد قطع من الذهب والأحجار الكريمة، بل هي رمز للقوة والهيبة التي رافقت الملوك والسلاطين في إيران. وعند زيارة متحف المجوهرات الملكية في طهران، يجد الزائر نفسه أمام روائع نادرة تحكي قصصًا من التاريخ المشرق لإيران، ما يجعلها وجهة لا غنى عنها لعشاق التراث والفن.
تكوّنت المجوهرات الملكية الإيرانية من خلال جمع تدريجي قام به الملوك والحكام عبر القرون. كانت تُستعمل في حفلات التتويج والمراسم الرسمية والمناسبات الدبلوماسية كوسيلة لإظهار القوة. ومع مرور الوقت، أصبحت المجموعة من الضخامة والقيمة بحيث اعتُبرت ضمانة للاقتصاد الوطني.
في عام 1937م، نُقل جزء منها إلى بنك ملي إيران ليكون غطاءً نقدياً للريال وضماناً للديون الحكومية. وبعد تأسيس البنك المركزي عام 1960م، استقر هذا الكنز في مقره الدائم بمتحف الجواهر الوطنية في تقاطع إسطنبول بطهران. وعلى الرغم من إغلاق المتحف مؤقتاً لأسباب أمنية، إلا أن الكنوز ما زالت محفوظة تحت حراسة مشددة.
تتجاوز قيمة المجوهرات الملكية الإيرانية أي تقدير مالي. حتى أبرز خبراء الأحجار الكريمة لم يتمكنوا من تحديد سعر دقيق لها، وذلك لندرة الأحجار وفرادتها وأهميتها التاريخية. ويُذكر في المصادر التاريخية أن الغنائم التي جُلبت من الهند إلى إيران بلغت قيمتها آنذاك حوالي 70 كرور روبية.
متحف الجواهرات الوطنية في إيران يُعدّ من أبهى الكنوز التاريخية والفنية في العالم؛ مكان تجتمع فيه قرون من العظمة والسلطان في هيئة أحجار كريمة، ذهب وتحف فريدة معروضة للأنظار. كل جوهرة من جواهر هذا المتحف لا تحمل قيمة مادية فحسب، بل تروي أيضًا قصص الملوك، الأحداث التاريخية وثقافة أرض إيران. روائع هذه المجموعة الرمزية، مثل ألماس «دُرّ البحر النور»، عرش الطاووس والتيجان الملكية، ليست مجرد حُليّ براقة؛ بل هي إرث خالد من الفن، التاريخ والهوية الإيرانية.
هذا العرش البهي الذي يتألف من الخشب، الذهب والأحجار المتلألئة، يأسر بأنواره الباهرة أنظار كل من يراه. صُنع هذا العرش بأمر فتحعلي شاه القاجاري ليحلّ محل نسخة فُقدت بعد وفاة نادر شاه. إن رمز الشمس الذي يعلو العرش يُجسد إشعاعًا أبديًا على ملك إيران. وبعد زواج فتحعلي شاه من تاجالدوله، التي كان اسمها يعني «الطاووس المتوَّج»، اشتهر هذا العرش باسم «عرش الطاووس».
فرح بهلوي كانت أول امرأة في تاريخ إيران تُتوَّج رسميًا. ولأجل هذه المناسبة صُمم تاج خاص على أيدي صاغة فرنسيين مهرة. صُنع هذا التاج من الذهب الأبيض وزُيّن بالألماس، الزمرد، الياقوت، اللؤلؤ وأحجار نادرة أخرى. وزنه يقارب كيلوين وتصميمه المعقد يعكس مزيجًا من الرهافة الملكية والفن الحديث.
يُعد دُرّ البحر النور أحد أندر الألماس الوردي في العالم، وبوزن 182 قيراطًا يُعتبر أكبر ألماسة معروفة من نوعها. بريقه الساحر ولونه الرقيق جعلاه من أبرز جواهر هذه المجموعة الرمزية. كما أن تاريخه العريق زاد من جاذبيته.
تاج بهلوي صُنع بأمر رضا شاه من أجل تتويج ابنه محمد رضا شاه. وقد زُخرف هذا التاج الفاخر بالذهب، الفضة، الألماس، الزمرد، الياقوت واللؤلؤ، ليُجسّد بهاء وفن الملكية لسلالة بهلوي.
تاج كياني صُنع بأمر فتحعلي شاه القاجاري ويُعد من أبهى وأجمل التحف الملكية في متحف الجواهرات الوطنية. تصميم هذا التاج يستحضر عظمة تيجان الحقبة الساسانية، وزُخرف بأحجار كريمة تتلألأ كأشعة الشمس؛ رمزًا للنور الإلهي وعظمة الملكوت. وقد غُطي سطح التاج باللآلئ المتلألئة، الياقوت الأحمر والزمرد الأخضر ليمنحه بريقًا أخاذًا جعله تحفة فريدة من الفن والعظمة في بلاط القاجار.
إلى جانب التيجان والعرش، يضم متحف الجواهر الوطنية مجموعة واسعة من التحف المرصعة بالذهب والجواهر، مثل:
كل قطعة من هذه المقتنيات ليست مجرد دليل على ثراء البلاط، بل أيضاً شهادة على براعة الفنانين الإيرانيين ومهارتهم.
يقع متحف الجواهر الوطنية الإيرانية في قلب طهران داخل المبنى الرئيسي للبنك المركزي. يُعتبر هذا المتحف من أثمن وأبرز المعالم الثقافية في البلاد، حيث يضم مجموعة فريدة من التيجان، العروش، الألماس والأحجار الملكية النادرة. ويُعد واحداً من أهم الكنوز التاريخية والفنية في إيران.
العنوان الدقيق:
طهران، ميدان الإمام الخميني، شارع فردوسي، قبل تقاطع إسطنبول، مقابل السفارة التركية، مبنى البنك المركزي للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
إن المجوهرات الملكية الإيرانية ليست مجرد مجموعة من الزينة الثمينة، بل هي وثيقة حيّة للتاريخ والثقافة والسياسة في هذه الأرض. فقد كانت هذه الجواهر عبر القرون رمزاً لشموخ الملوك وسلطانهم، كما لعبت دوراً في إظهار الشرعية السياسية والقوة الوطنية. ومن جانب آخر، فإن قيمتها الفنية والرمزية تعكس المعتقدات الثقافية والجمالية ومهارة الفنانين الإيرانيين الذين حوّلوا الأحجار الخام إلى أعمال خالدة ومعبرة.
عبر تاريخ إيران، لم تكن المجوهرات الملكية الإيرانية مجرد زينة فاخرة، بل أداة لإثبات السلطة والشرعية. ففي حفلات التتويج والمراسيم الملكية، كان عرض التيجان والعروش والرداء المرصع بالأحجار الكريمة إعلاناً عن الحق الإلهي والمكانة العليا للملك. وقد صُممت هذه القطع بدقة لتثير الإعجاب وتفرض الهيبة.
استُعمل الكثير من المجوهرات الملكية الإيرانية في اللقاءات الدولية أو قُدّمت كهدايا دبلوماسية. وقد كانت رمزاً للشموخ الثقافي والنفوذ السياسي الإيراني، إذ ساعدت الملوك على كسب احترام الدول الأخرى وفتح باب التحالفات الإستراتيجية.
في القرن العشرين، اتخذت إيران قراراً تاريخياً بإيداع جزء كبير من هذه الجواهر في البنك المركزي. ومنذ ذلك الحين، لم تعد ملكية خاصة بالعائلة الحاكمة، بل أصبحت غطاءً للنقد الوطني وضمانة للقروض الحكومية. وهكذا اكتسبت المجوهرات الملكية الإيرانية قيمة عملية إلى جانب رمزيتها.
تزخر هذه الجواهر بعناصر فنية مستوحاة من التقاليد الإيرانية، بدءاً من النقوش التاريخية والخطوط، مروراً بطريقة صقل الأحجار وترصيعها. ومن الفخامة القاجارية إلى رهافة تيجان العصر البهلوي، تعكس التصميمات تحولات الثقافة الإيرانية.
تُعد المجوهرات الملكية الإيرانية شهوداً صامتة على تاريخ إيران المليء بالتغيرات السياسية والاضطرابات. ورغم وجودها اليوم في متحف محمي، إلا أنها ما زالت رمزاً للفخر الوطني والاستمرارية الثقافية وعظمة الحضارة الإيرانية.
الخلاصة
إن المجوهرات الملكية الإيرانية ليست مجرد آثار من الماضي، بل شهادة حيّة على الشموخ والفن والغنى الثقافي لهذه الأرض. هذا الكنز الفريد، المحفوظ في الخزانة الوطنية بقلب طهران، يعرض جمالاً باهراً وبراعة فنية مدهشة، ويجسد مكانة إيران السياسية والتاريخية عبر القرون. وبما تحويه من ألماس نادر وتيجان مهيبة وأحجار لا مثيل لها، تبقى هذه الجواهر نافذة فريدة على الماضي المجيد، وكنزاً وطنياً يُلهم الفخر والإعجاب بين الإيرانيين والعالم أجمع.