اردبيل، مكان تلتقي فيه الينابيع الحارة بالتراث القديم

اردبيل هي واحدة من من المحافظات الإيرانية التي تجمع مختلف أنواع المعالم السياحية، من التاريخية و القديمة إلى الطبيعية و الثقافية في مكان واحد، و يمكنك فيها تجربة مختلف الأنشطة من المغامرات في قلب الطبيعة إلى استكشاف العصور و الأزمنة القديمة. هذه المحافظة هي وجهة لجميع الفصول و كل الأذواق. سواء كنت من محبي التراث الطبيعي لهذه الأرض، أو مهتم بالحفاظ على تاريخ إيران، أو مغرم بتجربة الثقافة المحلية، أو تبحث عن أنشطة مغامراتية، فإن اردبيل هي خيار ملائم.

 

سبلان؛ بحيرة تصل إلى السماء

سبلان  أجمل قمة في إيران و بركان خامد يبلغ ارتفاعه 4811 متر فوق مستوى سطح البحر، يقع في جنوب شرق مدينة مشكين‌شهر  في محافظة اردبيل و هو ثالث أعلى قمة في ايران بعد دماوند و علم كوه، و هي حلم كل متسلق.

في اللغة التركية، يطلق على هذه القمة اسم “ساوالان”. الخصائص الجيولوجية الفريدة لسبلان، مثل الينابيع الحارة، البراكين الخامدة و وجود بحيرة دائمة على قمتها، جعلت من سبلان أجمل قمة في إيران. توجد في هذه القمة أكثر من مائة ينبوع بخصائص علاجية، و بعضها تحول إلى مراكز علاجية حديثة. الوصول إلى القمة ممكن من مسارات مختلفة، لكن أشهرها يمر عبر الينابيع الحارة في شابيل بمدينة لاهرود. أفضل وقت للتسلق هو من منتصف الربيع حتى الأيام الأولى من الخريف. في هذه الفترة، يكون الطقس أكثر ملاءمة للتسلق و الوصول إلى القمة أسهل. بالإضافة إلى ذلك، مشاهدة المناظر الطبيعية على طول الطريق تزيد من جاذبية التسلق.

عندما تصل إلى القمة، سترى بحيرة صافية محاطة بالثلوج، مما يزيل تعب الرحلة. ليس من قبيل الصدفة أن يعتبروا سبلان أجمل قمة في ايران. وجود بحيرات عديدة في جبال سبلان خلق نظامًا بيئيًا قيمًا لأنواع مختلفة من الحيوانات، و من أشهرها الدب البني.

التسلق إلى قمة سبلان ليس فقط نشاطًا رياضيًا في أحضان الطبيعة، بل تجربة ثقافية؛ حيث أن المسار الجميل للتسلق و السفوح الخضراء، الينابيع الحارة، القرى السياحية و العشائر االذين يستقبلون الضيوف في سبلان تجذب العديد من السياح إلى هذه المنطقة. تخيل أنك تشاهد منظر الجبال الفريد من نوعه من إحدى مخيمات العشائر و تستمتع بنكهة الشاي المحضر من الأعشاب العطرية المتوفرة في سفوح سبلان.

 

منتجع آلوارس للتزلج؛ رحلة في أعماق الشتاء

مسار التزلج آلوارس، الواقع بالقرب من قرية و هي ارض بدوية لقبائل الشاهسون، هو واحد من المراكز الرئيسية للتزلج و الرياضات الشتوية في إيران، و الذي يقع في مكان جبلي ذو مناظر خلابة في محافظة اردبيل. الارتفاع الشاهق و الموقع الجغرافي الفريد يجعلان آلوارس مكانًا مثاليًا للرياضات الشتوية.

مسار التزلج آلوارس يقع على بعد 24 كيلومترًا شمال غربي سرعين و على بعد 12 كيلومترًا فقط من قرية آلوارس. الطريق الوصول يمر عبر طريق جبلي خلاب. على الرغم من أن بعض أجزاء الطريق قد تكون صعبة السير بسبب تساقط الثلج الكثيف في المنطقة و وجود الصقيع إلا أنه بشكل عام، يعتبر الطريق جميلاً جدا.

يمكن استخدام مسار تزلج آلوارس من آخر أيام ديسمبر حتى أوائل أبريل. خلال هذه الفترة، يكون عمق الثلوج كافيًا لتوفير ظروف مثالية للتزلج و غيره من الرياضات الشتوية. مشاهدة المناظر الشتوية في الفاريز تعتبر أيضًا من المعالم الجذابة.

ليس فقط لمحبي التزلج، بل أيضًا للسياح الذين يبحثون عن تجارب الطبيعة و الاستمتاع بمناظر الجبال العذراء، يعتبر مسار التزلج آلوارس وجهة جذابة.

تشمل مرافق مسار التزلج من معدات التزلج إلى التلفريك و المرافق الترفيهية بالإضافة إلى الدروس التعليمية، مما يوفر تجربة كاملة و ممتعة للسياح. إذا كنت تحب المغامرة و تبحث عن تجربة التزلج المثيرة و الاستمتاع بجمال طبيعة اردبيل و لا تعتبر الثلج و البرد عائقًا أمام السفر و التجارب الجديدة، فلا تفوت زيارة هذا المنتجع.

غابات فندقلو؛ أستكشاف نزة المسارات البيئية الساحرة

تعتبر غابات فندقلو في محافظة اردبيل من أروع الغابات في إيران. تمتد هذه الغابات بالقرب من مدينة نمين، في منطقة فندقلو، القريبة من هضبة بابونج (دشت بابونه) من شرق قرية خانقاه عليا إلى شرق قرية حور، و تغطي مساحة 16000 هكتار. وجود أشجار البندق و التفاح البري، الكرز الحامض، الكمثرى، التوت البري جعلت غابات فندقلو موطنًا لأنواع مختلفة من الطيور.

أفضل وقت لزيارة غابات فندقلو هو الربيع و الصيف عندما يكون الطقس لطيفًا و الطبيعة في أوج جمالها. لكن مع حلول فصل الخريف يمنح تلوين الطبيعة جمالًا مختلفًا للغابة. هناك العديد من المسارات للوصول إلى غابات فندقلو؛ عند السفر من آستارا إلى أردبيل، و بالمرور عبر ممر حيران، تظهر أمامك مناظر خلابة للغابة. في مسار آخر، يمكنك التوجه من أردبيل إلى نمين ثم إلى قرية دودران و خانقاه سفلي و بعدها إلى اربتابه لتظهر أمامك غابات فندقلو الجميلة. مسار بحيرة سوها و شلال لاتون جذاب أيضًا لكن أكثر من يفضله هم الرحالة و محبو الطبيعة المحترفون.

من معالم غابات فندقلو الجذابة وجود واحدة من أندر أنواع الزهور في العالم، سوسن جلجراغ، و البركة الطبيعية ميشسویي بالقرب من الغابة، التي يُقال أن لمياهها خصائص علاجية. كما يمكنك أيضًا تجربة التزلج و ركوب التلفريك كأنشطة ترفيهية بالإضافة إلى الاستمتاع بمناظر الغابة الخلابة.

 

بحيرة شورابيل؛ الاستمتاع بيوم عائلي في طبيعة

تُعد بحيرة شورابيل واحدة من أجمل البحيرات و أفضل وجهات السياحة الطبيعية في إيران و التي تبلغ مساحتها حوالي 180 هكتارًا. يعود تاريخ هذه البحيرة إلى أواخر العصر الجيولوجي الثالث و أوائل العصر الرابع، مما يجعلها تراثًا طبيعيًا ثمينًا. تم اختيار اسم ‘شورابيل’ بسبب ملوحة ماء البحيرة. تصل عمق البحيرة في المناطق المركزية إلى أكثر من 11 مترًا، مما يونصح على أخذ تدابير السلامة أثناء القيام برحلات القوارب.

تتمتع شورابيل بجمالها الفريد في كل موسم. مع بداية الربيع و اعتدال الجو، تصبح الظروف ملائمة للأنشطة الترفيهية و الرياضية حول البحيرة. في الصيف و على الرغم من الطقس النسبي البارد، تكون الظروف مثالية للاستمتاع بالأنشطة الترفيهية اعلى البحيرة. في فصول السنة الباردة و مع تساقط الثلوج، تظهر مناظر طبيعية خلابة في فصل الشتاء تكون مشاهدة البحيرة المتجمدة في شورابيل تجربة مذهلة للزوار.

ركوب الدراجات و التجديف بالقوارب و التزلج على الماء و الرحلات البحرية الترفيهية و الانزلاق بالحبال هي من الأنشطة التي يمكنك تجربتها في شورابيل. و بما أن إضافة المياه العذبة إلى البحيرة أدت إلى إمكانية تربية سمك السلمون المرقط فيها لهذا السبب أصبحت شورابيل موطنًا للطيور المهاجرة. حيث تعتبر واحدة من أفضل مواقع مراقبة الطيور في إيران. يعد متنزه شورابيل الترفيهي المكان المثالي لقضاء عطلة نهاية الأسبوع العائلية.

تعتبر زيارة شورابيل تجربة فريدة لمحبي الطبيعة و تظهر بوضوح كيف يمكن للطبيعة و المرافق الحديثة أن تخلق ذكريات لا تُنسى.

 

وادي شيروان دره سي؛ وادي مع تماثيل طبيعية

وادي شيروان دره سي أحد عجائب الجيولوجيا في محافظة أردبيل و الموطن الحادي عشر للحياة البرية في إيران. هذا الوادي العميق و الواسع يغطي مساحة حوالي 75 كيلومتر مربع و يقع على ارتفاع 2200 متر فوق مستوى سطح البحر، على بعد 20 كيلومترًا جنوب شرق مدينة مشكين.

الشقوق العميقة على جدرانه الصخرية الواسعة، إلى جانب الأشكال التآكلية و التراكيب المكونة من رواسب البراكين في سبلان مثل التماثيل المنحوتة، هي من أبرز معالم الطبعة الجيولوجية في وادي شيروان. وجود الأنهارو ينابيع المياه الحارة و الأودية العميقة والغابات الكثيفة في هذا الوادي يساهم في تنوعه البيولوجي العالي. ليس من قبيل المصادفة أن يتم تصنيفه كتراث طبيعي قيم في القائمة العالمية للحدائق الجيولوجية.

أفضل وقت لزيارة وادي شيروان هو الربيع و الصيف حيث تظهر الطبيعة جمالها الأقصى و تصبح الأحوال الجوية مناسبة لأنشطة مثل المشي، تسلق الجبال و استخدام ينابيع المياه الحارة. الطريق إلى وادي شيروان سي دره يمر عبر مشكين شهر و عبر الطرق الجبلية و القروية. المناظر الطبيعية الخلابة التي ستراها على طول الطريق ستجعل رحلتك لا تُنسى.

هذا الوادي مع مناظره الفريدة، يعد موقعًا طبيعيًا ثمينًا لاكتشاف عجائب الطبيعة؛ من أبرز المعالم السياحية في هذا الوادي السدود مثل آت كولی و جیران كولی و الشلالات التوأم. التسلق و المشي و التخييم و تصوير الطبيعة هي من أفضل الأنشطة التي يمكنك القيام بها في وادي شيروان دره سي.

هذا الوادي هو موطن دائم لأنواع الحيوانات مثل الثعالب و الذئاب و الوعول و الماعز البري و الدببة البنية بالاضافة الى الطيور و الدراج و الحمام. فهو يعتبر خيار ممتاز لمراقبة الطيور و مشاهدة الحياة البرية بما أنه يجذب الطيور المهاجرة كموطن مؤقت لها.

 

عالي قابو؛ طراز لبوابة أردبيل العالية

كلما تحدث الناس عن “عالي قابو”، يتبادر إلى الأذهان قصر عالي قابو في أصفهان فورًا، لكن أردبيل أيضًا لديها قصر و حي معروف باسم عالي قابو. “عالي قابو” تعني “بوابة أو مدخل عالٍ” و الذي يبدو كمدخل لقصر كبير و رائع. تعود قصة بناء عالي قابو في وسط مدينة أردبيل إلى العصر الصفوي. هذا البناء يعود تاريخه إلى 500 سنة مضت و كان بمثابة بوابة للدخول إلى مجموعة واسعة من المباني.

بالقرب من مبنى عالي قابو ستجد مسجد أردبيل و السوق التقليدي لهذه المدينة والتي لا تؤكد فقط على الأهمية التاريخية و المعمارية القيمة لهذا البناء بل جعلت أيضًا من مجموعة بناء عالي قابو و المنطقة المحيطة بها نقطة تحول في تاريخ و ثقافة مدينة أردبيل.

يتألف ضريح الشيخ صفي الدين الأردبيلي الواقع في المنطقة التاريخية و الثقافية لعالي قابو من المسجد و المدرسة و منزل صوفي و المكتبة و المتحف و بيتا خزفيا و مقابر لأفراد من الأسرة الصفوية. هذا المكان مشهور بسبب جماله المعماري و الزخارف الداخلية القيمة مثل البلاط و الرسوم الجدارية و يعتبر كأحد المعالم التاريخية الهامة في إيران.

لقد خضع مبنى عالي قابو عبر التاريخ بتغييرات و ترميمات، لكنه ما زال يعتبر كأحد الرموز الثقافية و التاريخية الهامة في أردبيل. إذا كانت وجهتك السفر إلى المدينة الجميلة أردبيل فزر حي عالي قابو و بالإضافة إلى زيارة بناء عالي قابو و ضريح الشيخ صفي الدين الأردبيلي و المباني التاريخية الأخرى في هذا الحي، اقضي بعض الوقت جالسًا على الشارع المرصوف بالحجارة في عالي قابو، اشترِ التذكارات و الحرف اليدوية، و تذوق أحد الأطباق الشهية في أردبيل في المطاعم و المقاهي القريبة.

 

 

شهر ييري؛ مدينة الأشخاص الحجرية

مدينة شهر ييري هي موقع أثري قديم في محافظة أردبيل العريقة، و التي تُعرف أيضًا بـ “المدينة التاريخية ييري” و “قلعة ييري”. هي تلة مغطاة بالتماثيل و النصب التذكارية القديمة التي يعود تاريخها إلى 8000 سنة قبل الميلاد. تقع المنطقة الأثرية لمدينة ييري على بعد 37 كيلومترًا شرق مدينة مشكين و 15 كيلومترًا شمال شرقي اردبيل. هناك حوالي 300 تمثال حجري على اشكال تشبة البشر في هذه المنطقة و الميزة المشتركة بينهم جميعًا هي عدم وجود فم. تم تصميم هذه الشخصيات واقفة و أيديها مطوية على صدورها جنبا الى جنب.

بينها يوجد تمثال واحد فقط له فم يشبه امرأة مسلحة، بينما الأخرى على شكل رجال حجريين واقفين. النقوش على رأس هذا التمثال تشبه الدبابيس التي تم اكتشافها في قبور النساء القديمات من تلك الفترة. هذا قد يعكس دور النساء في المجتمع و الحروب في تلك الفترة أو رمزًا للمكانة العالية و القوة الاجتماعية للنساء.

تشير الدراسات الأثرية إلى دور هام للنساء في إيران قديما. وجود السيف مع هذه المرأة يمكن أن يرمز إلى شجاعة النساء في تلك الفترة في مواجهة المصاعب و الدفاع عن منازلهن و مجتمعهن. بعض هؤلاء الرجال الحجريين يحملون أيضًا سيوفًا مما يدل على استعدادهم للقتال و الدفاع عن منازلهم و وطنهم. تتراوح أطوال هذه التماثيل من 35 سنتيمترًا إلى حوالي 2.5 متر.

 

جسر مدينة مشكین‌ شهر المعلق؛ الإثارة مع نكهة الطبيعة

يعتبر جسر مدينة مشكين شهر المعلق واحداً من أحدث المعالم السياحية في محافظة اردبيل، يقع على سفوح جبال سبلان و فوق حديقة غابات مدينة مشكين شهر. يوفر الجسر منظرًا مدهشًا للطبيعة الخضراء في المحافظة، مما يثير حماس كل سائح.

و يعبر هذا الجسر أطول جسر معلق في الشرق الأوسط. يبعد 80 مترًا عن قاع الوادي و يمتد لمسافة 365 مترًا. تم تصميم هذا الجسر من قبل المهندس كنجعلي بيك، مستوحى من جسر كابيلانو المعلق في فانكوفر، كندا (Capilano Suspension Bridge Park). نتيجة لهذا التصميم، أصبح الجسر جزءاً من قائمة الأعمال الفنية الفريدة في العالم. يعتبر الجسر أيضاً تحفة هندسية و يقع ضمن قائمة أفضل 10 مباني في الهندسة المعمارية في إيران من منظور السياحة. تم تصميم سطح الجسر المنحني بشكل مبتكر، مما يجعله واحداً من أبرز الهياكل في العالم، و هو مزيج من الفن و البراعة و المعرفة التي تتألق في حضن الطبيعة الإيرانية. يعكس بناء هذا الجسر الذي تم إنجازه خلال 9 أشهر فقط المهارة الرائعة و الكفاءة و معرفة الطبقة في تصميمه.

تم استخدام مواد مركبة تشبه الخشب في بناء الجسر و هي تتمتع بمقاومة عالية للصدمات و الرطوبة و الحريق و الضغط و الصواعق. كل ما تم استخدامه في بناء الجسر يسهم في متانته من أجهزة استشعار الحركة إلى مقاييس الرياح. أحد الأجزاء المثيرة للاهتمام في الجسر هو القسم الزجاجي في وسطه، حيث يمكنكم رؤية وادٍ جميل و مثير تحت أقدامكم.

بالإضافة إلى تجربة المشي و العبور عبر أطول جسر معلق في الشرق الأوسط، يمكنكم أيضًا تجربة متعة الانزلاق بالحبال في هذا المجمع الترفيهي. يبلغ طول مسار الانزلاق في المجمع 350 مترًا و يقع على ارتفاع 90 مترًا فوق وادي خياوجاي الجميل. كما تم توفير مدينة ملاهي و أنشطة ترفيهية للأطفال و المراهقين.

نظرًا للموقع الجغرافي للمنطقة و وقوعها في سفوح سبلان، فإن فصلي الصيف و الربيع هما الوقت الأمثل للزيارة؛ حيث يكون الطقس رائعًا و الطبيعة خضراء. على الرغم من ذلك يوفر الجسر منظرًا خلابًا في فصلي الخريف و الشتاء.