وبلاگ سپهران | الاخرى | معرفة الثقافة و الفن الأرمني
إن التاريخ القديم للأرض الأرمينية، والذي يتشابة في أجزاء منه مع تاريخ إيران القديم و يؤدي الى تشابة في تربة و أرض شعب هذه البلد مع أجدادنا، هو تاريخ مليء بالثقافة و الفن، والذي بفضل هذا الحضور الواسع في كل المجالات يمكننا أن نتتبع الخلفية نفسها، فيمكن البحث عن كل ما هو قديم. تتمتع أرمينيا بموقع جذاب و جميل من الناحية الحضارية الثقافية، و وصف كل منها يتطلب فرصة أكبر. و مع ذلك، في هذا المقال من مدونة سبهران، دعونا نتحدث عن الجوانب الثقافية غير المادية للفن و الثقافة في أرمينيا.
الموقع الجغرافي لأرمينيا على الخط الحدودي بين آسيا و أوروبا، بين البحر الأسود و بحر قزوين، وضع هذا البلد منذ فترة طويلة على طريق ثقافتين و حضارتين مختلفتين في الشرق و الغرب. إن مظهر هذا الموقف الاستراتيجي واضح و جلي في كافة المجالات الثقافية لهذا البلد، و أصبح أكثر وضوحاً خاصة منذ انهيار الاتحاد السوفييتي و استقلال أرمينيا السياسي.
من أجل دراسة الثقافة و الفن الأرمني، من الضروري تقديم اللغة الرسمية لهذا البلد بإيجاز من أجل تمهيد الطريق لدراسات أخرى.
كانت اللغة الأرمنية تُصنف باعتبارها لغة إيرانية حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما نشر “هاينريش هوبشمان” مقالًا عام 1877 يرفض فيه هذه النظرية و يضع اللغة الأرمنية ضمن فئة اللغات الهندية الأوروبية. و هي النظرية التي ظلت مستمرة حتى الآن. إلا أن علاقات هذه اللغة باللغة الفارسية و فروعها من الاتساع بحيث لا يمكن إنكار تأثيرها. الحجم الأكبر من هذا التأثير اللغوي و التكيف حدث خلال الفترة البارثية و تضمنت اللغة الأرمنية مجموعة من الكلمات البارثية أو الساسانية البهلوية التي أصبح استخدامها و بمرور الزمن حتى في اللغة الفارسية الحالية، و بالتالي فقد كانت فرصة إحياء اللغة البهلوية متاحة.
تضم اللغة الأرمنية 64 لهجة مختلفة، ينتشر المتكلمين بها في أنحاء مختلفة من أرمينيا و تركيا و إيران و غيرها من الدول المجاورة.
بهذا الوصف الموجز، ركزنا نظرتنا العامة على المجالات الثقافة و الفن الأرمني و سنواصل محاولة تقديمها بطريقة مفيدة.
تتمتع أرمينيا، مثل أي أرض قديمة أخرى، بثقافة تقوم على التراث العرقي. و في الوقت نفسه، الثقافة العامة غنية جدًا و تلعب الأساطير و الخرافات دورًا بارزًا في المعتقدات العرقية و القومية و الدينية للشعب الأرمني.
إن تعايش القبائل الاولى التي تعيش في هذه الأرض مع الجبال و الطبيعة قد أستحوذ على نظامها الديني، و ترتبط الطبيعة بالقداسة القديمة في نظر أهل هذه الأرض. “ميهر” هو أحد أنواع هذه الفئة من الأساطير، وله علاقة و ثيقة مع “مهر” أو “ميترا” الإلهة الإيرانية، و باعتباره إله الشمس، فإن له مكانة قيمة في المعتقدات الأسطورية للأساطير الأرمينية و كانت عبادتها و قدسيتها شائعة منذ القرن الثالث قبل الميلاد.
“شجرة هوم” هي نوع آخر من أنواع الآلهة، و ثمرتها هي إكسير الشباب و الخلود، و لهذا السبب، تعتبر محترمة و مقدسة للغاية بين شعب أرمينيا. مظهر آخر من مظاهر الأساطير الأرمنية هو شخصية تدعى “هايك”، والتي تسمى في التاريخ الأسطوري “ناهابت”، والتي وقفت ضد الملك البابلي و أسست في نهاية المطاف أرض أرمينيا.
“ساسونتسي دافيت” هي شخصية أخرى وقفت كبطل قومي ضد العدوان و الغارات العربية ولذلك فهي تحظى باحترام كبير. تعتبر ملحمة “ابطال ساسون” أحد أهم المصادر الأدبية و الأسطورية لأرمينيا، والتي كتبت تكريما لهذا البطل القومي، و عظمتها كبيرة لدرجة أنها تم تسجيلها كتراث ثقافي و روحي في منظمة اليونسكو.
إن المظاهر غير المادية للثقافة الأرمنية و الحضارة الأسطورية لها أبعاد أوسع مما نتصور، لكن لا يمكن تغطية كل منها، لذلك نكتفي بهذا الموجز، و ننتقل إلى المظاهر المادية لهذه الثقافة.
الملابس هي واحدة من أهم مجالات التنمية الثقافية، و أرمينيا غنية جداً بها. عنصر اللون مهم جدًا في الملابس الأرمنية و يحتوي بطريقة أو بأخرى على مصادر مهمة للبيانات التاريخية و الثقافية لمختلف الشعوب التي عاشت في هذه الأرض عبر التاريخ. بالإضافة إلى اللون، يعد شكل الخياطة و نوع القماش أيضًا من السمات المميزة التي يمكن استخدامها للبحث عن العلاقة بين كل مجموعة عرقية.
و تتأثر طريقة الخياطة و التطريز و الرمزية في ملابس هذا الجزء من العالم بشكل كبير بملابس إيران القديمة و الشعوب الكردية و التركية و التترية.
من المظاهر الثقافية الأخرى في أرمينيا الرقص الذي يعود تاريخه إلى حوالي 5000 سنة قبل الميلاد، و يمثل جزءاً كبيراً من ثقافة هذه الأرض، و يلعب ارتباطه بالأزياء المحلية و القصائد الغنائية و الملحمية و الموسيقى الشعبية دوراً هاماً في هذا الامر.
تعود جذور الموسيقى الأرمنية، مثل الرقص، إلى آلاف السنين قبل الميلاد، و تشهد آثار الكاندا و الآلات الموسيقية المكتشفة حول بحيرة سوان على هذا العصور التاريخية القديمة.
لطالما كانت الموسيقى في هذه الأرض مدينة للطقوس الدينية و النظرة القومية العرقية المزدوجة، ولذلك فأن الناس لاحظتها دائمًا و احترمتها في فترات مختلفة من التاريخ باعتبارها تراثًا قيمًا.
يعتبر الفنانون الأرمن تقدميين للغاية في مجال النحت و الرسم، و تاريخ مثل هذه الفنون بين أهل هذه الأرض يعود إلى عدة آلاف من السنين، و في هذه الأثناء، إذا نظرنا إلى فن النحت (خاشكار)، و جذورهم و التاريخ هو الذي يكون أقدم.
من نواحٍ عديدة، تعتبر اللوحة الأرمنية لوحة دينية و كنسية عملت على الترويج للمسيحية، و قد تم عرض أمثلة قيمة لهذا الفن الجميل في الكنائس الأرمنية و في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اللوحات الموجودة في كنيسة فانك في أصفهان نفسها. و يمكن اعتباره مثالاً جميلاً و قيماً في هذا المجال.
و تتركز المظاهر الفنية الأخرى لهذه الأرض في فئات مثل الحرف اليدوية، و نسج السجاد و البسط، و الأدب، و صناعة الآلات، و نسج القماش، و ما إلى ذلك، والتي يحتاج وصف كل منها إلى فرصة أخرى.